الاثنين، 27 فبراير 2012

وعبثت بقفل الصندوق 5

مضي ما يقرب من عام ..علي الفراق ..
لم تتذوق خلال هذا العام طعما للامان ..والطمأنينة ..كانت قد انعدمت الثقة داخلها ..بالناس..
لم يُر بعينيها ..الا تلك النظرة ..الشاردة ..نظرة لا تعرف للطمأنينة والاستقرار مكانا ..
كانت ترمق الناس بنظرات بغض وشك ..فهي لا تظن بهم إلا السوء ..كانت ترى الدنيا غابة من الوحوش ..
كلُ يخدع الآخر من أجل المصلحة الشخصية..حتي لو كان دمار القلوب..هو ثمن ذلك الخداع ..
كانت تسخر من كل شخص ..حاول التعبير لها عن حبه ..حتى وان استشعرت الصدق في البعض..ولكنها قدآثرت العزلة ..
العزلة القلبية ..عن الحب ..
كانت مثل الآلة ..تذهب في الصباح إلي الكلية ..تستذكر في المساء ..وتذهب للنوم باكرا ..وحتى لا اكون كاذبة
كانت لا تذهب للنوم ..بل إلى عالمها الآخر ..عالم مليء بالاختلافات والتناقضات ..تارة تحزن علي ما مر بها ..وتارة اخرى ..تبتسم علي ذكريات حبها الجميلة ..
لم تكن ذكريات قد حدثت فعلا ..بل هي امال كانت قد رسمتها يوما علي رمال البحار ..آمال ..وأحلام..أحلام ببيتهم الصغير الذي سيأويهم
..حلم ..ذلك الطفل الذي أطلقت عليه اسمه قبل مجيئه إلي هذه الدنيا ..آمال وأحلام ..لم يكلف نفسه يوما ..أن يشاركها بناءها ..
كانت اقسي أيام تلك التي مرت بها ..فهي قد اختارت الفراق بارادتها ..تعلم أنه القرار الاصعب ..ولكن هو القرار الاصوب ..

لعل من أصعب المواقف التي مرت بها ..عندما استيقظت فوجدت يديها علي اذنيها ..كان قد شاركها حلمها تلك الليلة.
.بكت بشدة
عندما وجدت حتي حواسها تشتاق إليه ..

كان العام الجامعي الاول قد مضي ..مضي ليضع قدميها ..علي الدرب الاصعب في حياتها ..

كانت قد ذهبت للجامعة الامريكية ..لتلقي دروس ..في
icdl

خطت الخطوة الاولي..لقدرها ..بقدميها ..

التقته ..بدرس بنفس الدورة ..
كان شابا من ذلك البلد البعيد الذي عاشت فيه .. انهي دراسة الهندسة بالجامعة الامريكية ..وكانت هذه الدورة هي كل ما تبقي له..لينهي حياته في مصر ..ويعود الى وطنه ..
كان حنطي اللون ..يميل الي السمرة ..ذا شعر كثيف ..مصفف ..صاحب عينين سوداوين ..عربية النظرة ..رياضي البنيان ..يميل الي الطول ..

تتذكر اول مرة أتي ليحادثها ..كانت تلملم أوراقها ..استعداداً للعودة إلى المنزل
-انتي فهمتي اللي جالوا ..الدكتور ..؟
-(دون اكتراث):يعني ..بس مش اوي ..
-لو تبغي شي انا ممكن اساعدك ..
-ميرسي ..لو احتجت شيء هقولك ..
وهمت بالمغادرة ..
جذب يدها في رفق ..
-نور..
نظرت اليه ..بحدة ..فترك يدها ..
-(باستحياء):اسف ما بجصد ..
- (بحدة) خلاص مافيش حاجة ..
- (بتوسل) انتي هتمشي داحين ..
-ايوه هو في حاجة ..
-لا مفيش ..بس ..مش تعرفي اسمي عشان لو بغيتي شي ..
طأطأت رأسها خجلا..
-(بابتسامة صغيرة):انا اسمي ياسر ..ياسر المليفي ..
-ماشي يا ياسر ..
-معلش قبل ما تمشي..هو انتي ايش بتدرسي؟ ..
-انا في هندسة ..بس بالقاهرة ..
-ماشي .انشالله موفقة ..
تركته ..ومضت في طريقها ..تتذكر عندما استدارت ..للخلف لتراه ..ووجدته ينظر إليها ..
لا تعلم لماذا تذكرت حبيبها الاول ..تذكرت عندما استدارت ..ووجدته قد مضي ..
لا تعلم لما جال بخاطرها..أن شيئا ما ..سيكون يوما ..بينها وبين ذلك الشاب العربي ..

كان يحاول التقرب إليها بين الحين والاخر ..كانت تستشعر في عينيه الطمأنينة والدفء ..والحنين ..الحنين الي ذلك الوطن الآخر الذي فارقته منذ عام ..كانت تشعر ان اكبر خطأ ارتكبه والداها.. أن عادا بهم الي مصر ..لاتعلم لما لم تكن تستشعر في تلك البلدة وطنها ..ألأنها كانت تمثل لها ..مصدر الصدمات في عمرها ..لاتعلم ..
كانت تري ذلك الوطن..وطن تخلى عن أبنائه ...اطاح بهم الي الظلمات..الي الغربة ..إلي العمل والكفاح بأوطان ليست بأوطانهم..
لكن تلك الاوطان الأخرى هي التي منحتهم المال والطمأنينة والسكون..حتي وإن سرقت منهم أجمل ليالي اعمارهم ..

مضت المدة المخصصة للدورة الدراسية ..كان العام الجامعي الثاني ..قد اتي ..
تذكر ذلك اليوم جيدا ..كان آخر يوم بالدورة الدراسية .. عندما تقدم اليها ياسر ..وطلب منها ان يجلسا ..بكافيتريا الجامعة ..

-نور ..ممكن اجلس معاكي شوي ..ابغي احكيلك شَي ..
-لا مينفعش انا اسفة ..
-(بحزم):لا ينفع ..
ثم اخفض من نبرة صوته ..واكمل بتوسل.
-النهاردة اخر يوم ..وكمان اخر يوم اللي بمصر ..بعد إذنك ..يانور ..

لا تعلم لما استجابت لتوسلاته ..جلسا معا ..وبدأ بالكلام
-نور ..صدجيني بالكلام اللي هاخبرك اياه ..انا عايش بمصر اللي اكتر من 5 اعوام ..
واتعرفت علي بنات كتير ..الطيبين والوحشين ..بس عمر ما فكرت اني ارتبط بحدا فيهم ..أو بالاصح عمري ما فكرت ارتبط ..
بحدا غير بنات بلدي ..
.(واخذ يتمالك اعصابه شيئا فشيئا ..كان يقطنه شعور غريب ..متناقض ..الشعور بالخوف ..والرهبة من البوح ..لها .. وشعور بالراحة ..والطمأنينه ..لانه سيريح قلبه مما يخبيء ..وسيعلم ما بداخلها هي الاخري)
وأكمل في حماس..
-لكن انتي شَي ..تاني ..ما بعرف ليش اتغير كل شيء فيني لما شوفتك ..تصدجيني لو قلتلك اني حسيت شي فيني اتغير من اول يوم
شوفتك بيه ..
حسيت انك مو متل أي واحدة بهالعالم ..حسيت انك بتجمعي ..بين أخلاق وعادات بلادي ..وخفة ومرح المصريين ..
حسيت انك بتجمعي الشيئين اللي بتمناهم ..

(احمرت وجنتاها )..وقالت له بصوت منخفض ..يكاد ألا يسمع ..
-واية اخرة كل ده؟ ..
-(بحماس واصرار):اكيد اخرته شرع ربنا سبحانه وتعالي ..أنا ما ابغي شي منك غير كل خير والله ..
اللي انتي تبغيه أنا اسويهولك..لو تبغيني اجي واتكلم مع ابوكي داحين..اجي ..
سكت برهة ..ثم
(همس لها برفق ..وحنان)
-نور صدجيني ..انا بحبك ..والله بحبك ..وعمري ما حبيت حدا غيرك ..ومستعد اسويلك اي شي تبغيه ..

(مرت امام عينيها صورة حبيبها الاول ..وهو يخبرها بنفس هذه الكلمات ...ويعاهدها بتلك الوعود ايضا )
تجمعت الدموع بعينيها ..وقالت بصوت محتقن ..
-وانا عاوزة امشي ..
-ما خبرتيني ..شو هتسوي ..
اشتعل الغضب بداخلها ..عندما استعادت ذكرياتها الاولى ..احمرت وجنتاها ..
واجابته بحدة ..
-عاوزنا نحب بعض ..زي ما كل الناس بتعمل ..ونكدب علي بعض ..ونخدع بعض ..وتقولي بحبك ..ووحشتيني ..وبعد شوية تخوني ..
(واكملت في نبرة منخفضة)مش هي دي الحياة هنا..ومش هو ده الحب هنا !..

(حاولت استعادة توازنها ..واكملت بهدوء):انا مش هعيش الدنيا دي ..مش هحب طول ما الحب كده ..
هعيش لنفسي انا بس ..
-بس الحياة مش كلها كده ..ولا كل الناس بتخون ..نور ..انا عمري ما طلبت منك شي
بس ممكن اطلب منك شي واحد تنفذيه ..شي واحد بس
-اتفضل ..
-ممكن تصجيني بالوعد اللي هخبرك اياه ..(همس برفق وتوسل):ممكن
نظرت في عينه فوجدت بهما صدقا ..لم تستشعره ولم تره يوما بعيني حبيبها الاول ..اخذت تنظر وتنظر في عينيه ..
ومر بذهنها سؤال ..لماذا لايكون هذا الشخص ..هو هدية الله لها ..للخلاص من هذا الوطن ..والبعد عنه..والعودة الي البلد الذي اعتادته ..والذي تشعر كأنه جزء داخلي لايمكن اي ينزع منها ..
(اجابته بحماس ):وانا هصدقك ..
-وانا بوعدك اني اخليكي ملكة ..اميرة مدللة ..عمري ما هزعلك ولا هعمل شي يضايجك..بس هعيش عشان اسعدك

اخترق صدق العهد ..قلبها ..واستوطنت الفكرة ذهنها ..فكرة ..الخلاص من هذا الوطن ..

مرت ثلاثة اسابيع ..كان قد غادر الى بلده ..علي وعد ..بالعودة بعد شهرين ..لخطبتها ..
كانت تحادثه بين الحين والآخر ..كان لا يخلد الي النوم الا بعد سماع صوتها ..
كان يحادثها كل يوم ..عن ايام ولهه بها ..عندما كان يعشقها ويراقبها في صمت ..كان يحدثها عن جمالها ..
يخبرها أنه وإن عشقها يوما لأجل أخلاقها ..وشخصيتها ..فهو عشقها ..أولا وأخيرا لأجل جمالها ..
كانت لا تسمع منه إلا كل ما تشتهي وتطيب لها نفسها ..كان يشعرها أنها اميرة مدللة..كان لا يخدعها وهو يخبرها بذلك
بل كانت نفسه تؤمن بحق ..أنها ملكة ..لا تشاركها عرشها ..أي امرأة علي وجه الارض


وهي إن نسيت اي حدث مضي بعمرها ..فهي لا يمكنها ان تنسى هذا اليوم ..
كانت الساعة تقترب من الثانية والنصف ..استيقظت من نومها علي اهتزاز هاتفها المحمول ..اجابته بصوت يغلبه النعاس
- هي الساعة كام..؟
- معلش يا كوكو فيقتك من نومك
- لا لا مفيش حاجة..أنا اللي اصلا نايمة بدري ..عشان عندي سكشن الصبح ..
-خلاص روحي كملي نومك
- لاخلاص انا فوقت مش هنام تاني..
-بلا يلا روحي نامي ..
- صدقني مش هنام
- (باصرار):روحي نامي يلا ..
- (وقد أفاقت تماما) هو في ايه! ..مُصر انام ليه ..في حد رايحله ولا ايه ..
- إي ..لازم انام بدري ..ورايا مزة مرة حلوة..لازم اروحلها بكير ..
يلا سلام بقي ..

واغلق الهاتف في وجهها ..
اخذت تدق الهاتف مرة تلو الاخرى ..لكن لا تسمع الا ذلك الصوت الذي تبغضه (هذا الهاتف مغلق او غير متاح)

ازداد الغضب داخلها ..كانت في حيرة من أمرها ..أهو نفس المصير الاسود ..ينتظرها؟ ..المصير الذي واجهته في الماضي ..ام انه فقط يمازحها
كان حبيبها يغلق الهاتف كذلك..في الماضي ..ولكن ليس مزحا..بل كان يمضي الي ما تشتهيه نفسه ..وتطيبه ...كان يغلقه حتي لا تقوم بازعاجه فتعكر
عليه صفو ما يفعل ..

قضت ليلتها تفكر وتفكر ..ارتدت ملابسها ..ومضت الي كليتها ..في حزن ..
لا تنكر انها استشعرت الغيرة تتسلل الي قلبها ..لكنها ذعرت وانتفضت ..عندما احست ذلك الضعف يقترب منها ..ليسيطر عليها ثانية ..
ذلك الحب ..الذي يصاحبه ..لوعة الاشتياق ..وآلام الفراق ..التي لم تبرأ منها بعد

كانت تسير شاردة الذهن ..حتي انتبهت علي يد تجتذبها برفق للخلف ..
توقفت للحظات عن الكلام..لاتصدق ما تري ..أهو حقا ..
ياسر:ما كذبت لما خبرتك ..اني رايح لمزة مرة حلوة ..الصباح..
تبسم لها ..واخذ ينظر في عينيها ..
اكمل حديثه ..برقة :وحشتيني يا نور ..اشتجتلك كتير .
ايه مش بتقولي حاجة ليه ..
اجابته بصوت منخفض يصحبه خجل :اقول ايه ..
هو(بتوسل):قولي ..وحشتني يا حبيبي ..نفسي اسمعها منك أوي ..

مر امام عينيها حبيبها الاول ..واول مرة اخبرته ..بحبها ..طأطأت رأسها بحزن..ولم تستطع الاجابة عليه..حقا لا يقدر قلبها ان يتفوه بهذا الكلام
ثانيةً ..

ذهبت الابتسامة شيئا فشيئا عن عيني ياسر ..
وسألها بحزن:ما اشتجتيلي ..ما هيك ..
هزت برأسها نفيا ..
واجابته في خجل:لا والله..بس ..
ولم تستطع استكمال حديثها

حل الصمت لحظات ..
ثم عاود ياسر رسم البسمة علي شفتيه ..
- خلاص يا حبيبيتي ..انا ما ابغى شي ..يعكر اليوم ..
يلا اميرتي الصغيرة ..وين تبغي تفطر ..
طأطأت رأسها في خجل .واجابته:معلش يا ياسر مش هينفع..لان عندي سكشن ..مهم ..مينفعش اغيب عنه ..
-(بابتسامته المعتاده):خلاص يا قلبي ..هضلي ناطرك..حتي تخلصي ..
تبسمت له ..ومضت ..

انتهت من درسها ..اخذت تبحث بعينيها ..عنه ..في ارجاء الكلية ..لم تجده..
دقت هاتفه ..
- انت فين يا ياسر؟ ..
- انا دجيجة وهبقي امام البوابة الرئيسية ..يلا اطلعي ..

مضت باتجاه البوابة ..
وجدته ..وبصحبته باقة من الورد ..
قدمها لها ..وعلي وجهه ابتسامة حب .ووله..
حبيت اعتذرلك عن الايام اللي غبت عنك فيها بالسعودية..
تناولت الباقة ..
وقالت له (بابتسامة يصاحبها خجل):ميرسي ..
سكت لبرهة ..ثم سألها ..:ها قطتي الصغيرة هتفطر فين ..؟
- اي مكان ..
- انتي اتمني واللي تبغيه انا بحججهولك..اتمني اي شي ..اي شي..
سكتت لبرهة ..
ثم اجابته (بدلال):باريس ..ينفع
تبسم ضاحكا ..واجابها:طبعا ينفع ..داحين..بس المهم ابوكي مش يبلغ عني ..اني خطفتك ..
تبسمت له ..
اكمل كلامه بعزم:والله لهفطرك في باريس ..وعد مني ..


اصطحبها الي إحدى السفن الفارهة..التي تطفو علي ضفاف النيل ..
اخذت ترمق بعينيها ..السماء ..والمياه ..لمحت بعينيها ذلك الجسر ..تذكره جيدا ..عندما اخذت تنتظر حبيبها القديم ..ولم يأت ..
لاحظ ياسر الشرود في عينيها ..
دنا منها ..همس لها برفق :في شي ..؟
التفتت اليه ..وأجابته(بابتسامة حزينة):لا مفيش ..

- ها قطتي الصغيرة تفطر ايه؟ ..
- مش عاوزة حاجة ..
- ايش هو اللي ما تبغي شي..الاكل معي بالغصب..
- :خلاص عصير برتقان..
- ايه اللي برتجال ..انتي مريضة ..
اطلبي شي منيح هيك ..وش رايك تفطري متلي
- هتفطر ايه؟
- كرواسون شوكولاتهة ..ولاتيه..بيسووه طيب كتير
- ايه كل ده ..لا طبعا ..انت عاوزني اتخن!
- وايش اللي فيها ..انا ما بحبك هيك وانت ضعيفة ..اسمني شوي ..بتصيري متل الهرة لصغيرة ..

تبسمت ..وتوقفت عن الكلام لحظات ..
ثم سألته:عملت ايه مع باباك ومامتك ..قلتلهم ..؟؟
- آه جلتلهم ..بس جلت لابوي الاول
هي(بلهفة):قلتله ايه ..وقالك ايه..قول كل حاجة
- (ضاحكا):علي رسلك ..علي رسلك..
- يلا قول بقي
اعتدل في جلسته ..واخذ يحدثها ..بحركات تمثيلية ..
- انا جولتله..يا ابوي في قطة صغيرة ..بحبها ..عيونها يا ابوي ..يا الله من عيونها ..فيهم الكون هدا كله ..
وفيها صغير صغير هالقد..ولا شعرها يا ابوي ..قام قالي ..وش لون شعرها يا ولد ..قلتله ما بعرف

دنا منها برفق ..واكمل قائلا:ايش لون شعرك لاخبر ابوي ..
-(بدلال):قوله متعرفش
- انتي تبغي اجوله متعرفش..يجوم يقولي مين البنت الهبلة هادي اللي ما بتعرف لون شعرها ..وما يوافج نتزوج ..

ابتسمت ..
حل الصمت لحظات ..ثم دنا منها برفق ..وقال:نور ..معجول اني بيوم هصحي الاجي هالوجه جانبي ..عارفة اوجات بحس اني بحلم ..
معقول العيون هادي هفيق عليها كل صباح..والصوت هادا هنام عليه ..لما يحكيلي حدوته..
نور انا بحبك مرة ..بشتاجلك بكل لحظة ما بتكوني فيها معي ..
نفسي نتجوز مرة..لتصيري ملكي ..كل شي فيكي ملكي ..حتي شعرك اللي ما بعرف وش لونه هادا ..بيصير ملكي .انا.

عاد الصمت للحظات ..تبادلا الابتسامات ..
ثم عاود الكلام من جديد:ها عملتي انتي ايه معاهم في البيت قلتلهم ....؟؟!!

ذهبت الابتسامة عن وجهها ..ونظرت إليه بخجل يصحبه حزن..
واجابته:مش موافقين ..

حل الصمت لحظات ..ثم حاول رسم الابتسامة علي وجهه ليبث بداخلها الطمأنينة .
-طيب ليش زعلانة يا حبيبتي ..راح ضل وراهم حتي يجتنعوا ..حتي تصير الملكة علي عرشها ..
صدجيني يا نور ..انا ماراح اتركك ابدا..ما في راجل بهالكون راح ياخدك مني ..فهمتي علي ..
لو راح ضل وراهم حتي اموت ..راح ضل ..

تبسمت ..واخذ تنظر في عينيه ..كانتا مصدر راحتها وأمنها ..رأت بهما العزيمة والإصرار ..والتمسك بها ..رأت الرفق والحنان عليها ..
رأت الغيرة ..رأت الخوف الشديد عليها ..رأت ما لم تره من قبل ..شتان بين هذا الرجل وذاك ..
اخذت تتذكرر حبيبها الاول..عندما كان يتعمد بث الخوف والحزن..الي قلبها الصغير ..عندما كان لايكترث ولايبالي الذهاب الي عمله ..
عندما كان يحمل قلبها الصغير ..عناء التفكير..في كيفية تدبير الأموال..لإتمام هذة الزيجة ..
آه ثم آه ..علي تلك الايام التي قضتها يوما ما معه ..وآه ثم آه علي هذا الرجل ..بل لم يكن يوما رجلا ..

دنت من ياسر برفق ..وهمست له ..:انا بحبك..بحبك أوي ..


تمت الخطبة بعد شهر ..تمت بعد عناء ومشاجرات مع أهلها ..إلى أن أقنعتهم ..أو بالأحري عندما لمسا بهذا الشاب .الصلاح والحب الذي يقطن قلبه ..
كانت العائلة بأكملها ترحب بهذه الخطبة..إلا والدتها ..كانت تستشعر مدى الخطر ..الذي يصاحب تلك الزيجة ..خطر اختلاف ثقافات البلدتين ..


لم تكترث لأحد ..وأصرت علي إتمام الخطبة ..
مضي أكثر من 4 أشهر علي الخطبة ..كان يأتي بسيارته الفارهة ..ليصطحبها للتنزه ..كانت حقا تري ما لم تره يوما بعمرها ..
كانت رفيقاتها ..يحملن لها الحسد والحقد ..نتيجة هذه الخطبة ..وازداد ذلك الحقد ..عندما اجتمعن بهما يوما ..
رأين كيف يدللها ..كيف أن عينيه ترقبها متي تحركت ..يمينا ويسارا..لايكترث لأحد سواها ..بلا لايري بالمجلس أحدا سواها ..
سمعن..كلمات الغزل الذي يسمعها اياها ..

كانت آلام الماضي بدأت تتداوى شيئا فشيئا..تتداوي أكثر وأكثر ..عندما تري هذة النظرات بعيون صديقاتها ..
كانت تتذكر كيف كان يُشمِّت بها حبيبها السابق ..اولئك الفتيات ..


انتهي العام الجامعي الثاني ..كانا قد اتفقا علي موعد الزفاف بعد شهر ..واتفقا علي الانتقال الي بلدته..ونقل اوراق جامعتها الي الجامعة هناك ..
كانت حزينة كثيرا..لانها ستفارق أمها ..وعائلتها ..ولكنه كان يبث الطمأنينة داخلها..ويعاهدها..بأنه سيأتي بها متى أرادت ..لترى أمها
..

كان ببلدته ينهي ما بقي من تجهيزات المنزل..
دقت عليه هاتفه ..واستأذنته أن تمضي هي وابنة خالتها لشراء بعض لوازم العروس التي تنقصها ..ووافق بعد توسلات منها ..
فهوا لا يرضى أن تذهب دونه الي اي مكان ..

انتهت هي وابنة خالتها من شراء ما ينقصها ..
وبينما هما عائدتان...صادفتا حبيبها ..الاول ..
استوقفهما رغما عنهما ..
وجه إليها سؤالا بسخرية: مبروك يا عروسة ..بعتي نفسك ..للي يدفع أكتر ..بعتي نفسك بكام!!؟؟
وقع السؤال عليها كالصاعقة ..
نهرته ابنة خالتها بشدة وقالت في حدة:انت بني ادم قليل الادب ..وزبالة
اشارت إليها بالتوقف عن الكلام ..ونظرت اليه ..نظرة احتقار ..وقالت في تحد:علي الأقل هو اشتراني ..ما باعنيش واستبدلني بالارخص ..

وتركته ومضت ..

عادت الي منزلها ..اختلت بقلبها ..داخل غرفتها ..أخذت تبكي وتبكي
لم تظن يوما ..أن هذا الرجل ..سيء الخلق إلي هذا الحد ..
قطع خلوتها ..صوت هاتفها المحمول ..
كفكفت دموعها ..وحاولت استعادة صلابتها ..
أجابته :ايوه يا ياسر ..
- (بغضب):إيش فيه يا نور ..ما خبرتك أول ما تعودي تدجي علي ..
أجابته ..بصوت محتقن:خلاص يا ياسر ..نسيت ..مش كل شوية ..زعيق ..وغيرة بقي ..
- (بغضب ..يصاحبه نبرة عالية بعض الشيء ):انتي بتصرخي علي ..نور ..انا صحيح بحبك ..بس انا رجال ما بحب مرتي تخرج لحالها ..انا وافجتك بس عشان متزعليش ..لكن ما تتكرر ثاني ..فهمتي علي ..ولا تصرخي علي ..
حل الصمت للحظات ..
ثم قالت له بصوت يصحبه الخجل:أنا اسفة ..والله ما قصدي .متزعلش ..
هو:خلاص ما في شي ..
سكت برهة ..ثم عاود التحدث ثانية: نور انتي في شي مزعلك ..
سكتت لبرهة ..ثم اجابته :لا ..لا مافيش حاجة ..
بس زعلانة عشان هسيب ماما ..
هو(محاولا التخفيف عنها):ومش فرحانة مشان هتصيري بحضن حبيبك ..ولا انتي ما تبغي تكوني معي ..
ابتسمت ..
ثم اجابته:اكيد طبعا نفسي ..
- ها قوليلي ايش اشتريتي اليوم ..
- حاجات كده ..
- يعني ايش هي الحاجات كده
- (بخجل):حاجات كده يعني ..
- (متعمدا اثارة خجلها):ايوه يعني ايش هي الحاجات اللي يعني كده ..
- :خلاص بقي يا ياسر ..
اخذ يضحك للحظات ..
ثم قال لها بحنان:لساتك بتخجلي مني ..
تبسمت ..واجابته في خجل:اكيد ..

كان دائما ما يخفف عنها ..ويداوي ما بها من جروح ..لم تذكر يوما ..أنه آلمها أو أهانها ..
كانت إذا ضاقت بها هذه الدنيا ..تهرول مسرعة إلى هاتفها ..لتحدثه ..كان حقا الرجل الذي تمنت..
كانت تحزن من قلبها حينا بعد حين ..عندما تقسو عليه ..كانت تشعر بالحزن والخجل من نفسها ..لأنها لا تعامله كما كانت تعامل ذلك الذي كان..
كان شئ ما قد كسر ..ويأبي أن يعود ثانيةً..
كانت لم تكن قد احبته ذلك الحب الافلاطوني ..الذي احبته سابقا ..لكنها أحبت ..ولهه بها ..وعشقه لها ..
أحبت طيبته ..ورجولته ..أحبت رفقه بها ..وقسوته عليها ..عند الغيرة ..كانت تشعر أنه رجل بحق ..

مر الشهر سريعا ..وأتي يوم زفافها ..كان زفافا اسطوريا..كانت تشعر كأنها ملكة بحق ..
مازالت تذكر ..نظرات المدعوين ..المليئة بعضها بالانبهار والفرحة .والبعض الاخر بالحسد ..والغبطة ..
دمعت عيناها الأن ..عندما تذكرت ..ليلة عرسها ..
كان قد اصطحبها الي فندق ..فاخر ..
تَذكُر عندما دنا منها ..وهمس لها .برفق:أخيرا صرتي ملكي ..
لمح بعينها الرهبة والخوف ..اقترب منها ..وضمها بين ذراعيه ..بحنان ..
وهمس لها:آه يانور ..اشتجت للحضن هادا من زمااان ..من أول ما شفتك ..
امسك برأسها بين كفيه ..ونظر بعينيها ..وقال بحنان :بحبك اوي ..

ثم سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق